الدكتور رائد محسن

يُعدّ الوساوس أكثر الأشياء التي تنغّص على حياة الإنسان، فتجعلها عبئاً ثقيلاً على صاحبها؛ فالوساوس كفيلة بأن تقلب حياة الإنسان المستقرّة إلى جحيم لا يطاق، فهي ليست كوابيس أو نوبات عابرة؛ بل هي ظواهر ذات أصل مرضي، تصيب الإنسان فتسبّب له المتاعب النفسية والعصبية، وهي في معظمها أمراض مزمنة؛ أي قد تلازم المصاب بها لفترات طويلة تمتد لشهور أو حتى أعوام.

المتابع لأخبار الحوادث والجرائم في الصحف ونشرات الأخبار، يلاحظ كم شخصًا مصابًا بالوساوس، أوصلته وساوسه إلى اللجوء إلى العنف، وارتكاب جرائم بحق الآخرين، أو بحق نفسه من خلال الانتحار، إذاً فأضرار الوساوس تتجاوز المصابين بها وحسب، لتتسبّب بمشاكل عائلية أو اجتماعية أكبر وأكثر فداحة على مستوى العائلة أو على مستوى المجتمع.

ووسواس الخوف من الموت، هو من أكثر أنواع الوساوس شيوعاً، وهو وسواس حاد ومزمن، يلازم الشخص المصاب به لفترات طويلة، يشعر الشخص المصاب بهذا النوع من الوساوس، بأنه مقبل على الموت قريباً، فيشعر بأنه سيموت خلال أيام قليلة أو ساعات قليلة قادمة، فيظل طول الوقت متوتراً ومشدوداً، مترقباً مجيء ملاك الموت ليقبض روحه، وبهذا تنقلب حياة الشخص المصاب إلى جحيم، وتصبح حياته شاحبةً كئيبة سوداوية لا طعم لها .

التخلص من وسواس الخوف من الموت هو ليس بالأمر الهيّن، فالتخلص منه يتطلب تضافر الجهود، أي جهود عائلة المريض وأصدقائه وزملاء العمل والقائمين على علاجه أيضاً. ينبغي على كلّ من هم حول الشخص المصاب بالوسواس، أن يتفهّموا وضعه وحالته المرضية، لكن ثلثي الشفاء والتخلص من المرض، يقوم على دور الشخص المصاب نفسه، لذلك فالشخص المصاب هو صاحب الدور الأبرز في عمليّة الاستشفاء من وسواس الخوف من الموت.

يجب على الشخص أن يجالس أفراد أسرته ويحادثهم؛ فالعزلة عن الأهل والأصدقاء تزيد الوسواس شدة وحدة، وينبغي على ذلك الشخص أيضاً، أن يستثمر وقته في أشياء مفيدة، من شأنها أن تلهيه عن الغرق في بحر الوساوس والأوهام، وتعد ممارسة الرياضة، أحد أهم الطرق التي من شأنها أن تحسن الحالة النفسية للشخص المصاب بالوسواس، وأفضل أنواع الرياضة على الإطلاق هي رياضة المشي، إلى جانب الركض والسباحة، وهناك الرياضة الذهنية.

إنّ التخلص من العادات الغذائية السيئة، هو أمر ضروري للشخص المصاب بهذا النوع من الوساوس، فتناول الطعام المشبع بالدهون مثلاً، من شأنه أن يعكّر الحالة المزاجية، وأن يحدث توترات في القولون والأمعاء، فتلازم العادات الغذائية السيئة مع مرض الوسواس، من شأنه أن يرفع معدلات الإصابة بالتلبك الهضمي، والإصابة بالقولون العصبي، ولذلك يجب الترشيد من استهلاك الدهون، والدهون المشبعة والكولسترول تحديداً، في المقابل يرجى زيادة تناول الخضار والفواكه وجميع الأطعمة التي تحتوي على نسبةٍ كبيرة من الألياف والفيتامينات والأملاح المعدنية.

والتجديد هو أمر مطلوب ومستحب، بالنسبة للشخص المصاب بهذا النوع من الوساوس؛ أي إنّ الشخص المصاب مطالب بتجديد واستحداث بعض الأنماط الجديدة في حياته؛ كزيارة أماكن جديدة لم يزرها من قبل، وتكوين صداقات جديدة، واتباع عادات اجتماعية كانت غائبة عنه في السابق، وممارسة هوايات جديدة لم يمارسها من قبل، وتطبيق أساليب اجتماعيّة وحياتيّة جديدة لم تكن مطبقة من قبل التجديد والاستحداث في حياة الإنسان، من شأنهما أن يحسّنان الحالة الذهنية والمزاجية للإنسان، فالبقاء على نفس الروتين في كافة جوانب الحياة، يُسبّب الملل والضجر والتوتر وانعدام الثقة بالنفس عند الإنسان.