استخدام الأجهزة الإلكترونية

هل تذكرون الفترة التي تم فيها الإعلان عن جهاز "أي باد"، التابع لشركة أبل الشهيرة، من قبل ستيف غوبز في عام 2010، وحديثه الشائق على أن الجهاز يمثل حالة استثنائية في الاستخدام الإلكتروني، وعصر الشاشات الذكية، في تلك الفترة وبعد شهور قليلة، ووفق أدم ألتر، مدرس مشارك في التسويق في كلية ستيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك.

 وأجرى صحافي من صحيفة "نيويورك تايمز"، حوارًا مع ستيف غوبز وسأله عن مدى حب أطفاله لجهاز الأي باد، إلا إن رد غوبز كان مفاجئًا، وقال وقتها "إن أطفاله لا يستخدمون الأي باد، وأنهم يحددون مستوى استخدام أطفالهم للتكنولوجيا في المنزل", ما جعل الباحث أدم ألتر، يتوقف عند إجابة غوبز، ويقوم بإخضاع أثر الشاشات الذكية في حياة المجتمعات إلى دراسة مستفيضة، يدعمها تخصصه في مجال علم النفس، واستمرت الدراسة على مدى 5 أعوام، ليستشف من خلالها أن الشاشات الذكية تستنزف الوقت المخصص من قبل الأفراد لممارسة اكتشافهم لإبداعاتهم وهوايتهم.

 وبدأت تطغى وبشكل كبير على التجربة المباشرة، وإثارة الحواس والحدس في حياة الإنسان، ما يوحي بتأزم إنتاج "الثقافة الإبداعية"، والوعي بأبعاد المسألة بات مسؤولية مشتركة بين المثقفين، لاستعادة آليات البيئة الإبداعية الطبيعة والتحفيز الاجتماعي.

وأخضع آدم آلتر مقاييس متعددة لقياس أثر الشاشات الكبيرة، ومنها الإحصاءات الخاصة بمجموع ما يفعله الفرد خلال الـ 24 ساعة من يوم عمل، حيث قال إن الإنسان يستثمر ما بين 7 إلى 8 ساعات للنوم، بينما يقضي من 8 إلى 9 ساعات في العمل، وما يقارب الـ 3 ساعات، تذهب ما بين الأكل والاهتمام بالأطفال وغيرها، ويأتي أخيرًا الوقت الشخصي الذي يستثمره الفرد، في القيام بهواياته وإمكانية اكتشاف إبداعه الثقافي، وتقوية العلاقات الإنسانية، والتعرف إلى ذاته وغيرها.

وتوصل إلى أنه بظهور الشاشات الذكية، أصبح الوقت الشخصي يقل ويتأزم، وذلك بسبب توجه الفرد إلى استخدام تطبيقات الهاتف الذكي، في هذا الوقت، الذي من شأنه أن يؤسس "المنتج الإبداعي" للفرد.

واكتشف آدم آلتر، في بحثه أيضًا أن الأفراد الذي يستخدمون التطبيقات الخاصة بالتدريب، الطقس، القراءة، التعلم، الصحة، يشعرون برضى جيد أثناء استخدامها، أما التطبيقات في مجال التواصل الاجتماعي، الألعاب، الأخبار، محركات البحث، فإنهم أقل رضى عنها، مع أنها تمثل نسبة الاستخدام الأكبر، مطالبًا آدم آلتر الأفراد، بإعادة الاهتمام بالوقت الشخصي، باعتباره يمثل الزمن المرتبط بالروح، والاكتشاف المذهل للحياة من قبل الإنسان، معتبرًا أنه حان الوقت للانتباه إلى مسألة "التجربة الروحية" في حياة الأفراد التي بدأت تتلاشى، نتاج الشاشات الذكية.