اليوجا

إذ تجذب "اليوجا" كرياضة تأملية الكثير من البشر حول العالم وهي حاضرة في المهرجان الثقافي الهندي الحالي بمصر فإنها لم تخل من جدل ثقافي قد يظهر مفارقة بين جوهرها والسعي الحثيث لتحقيق مكاسب مادية بعد ان امست صناعة هائلة في دول كالولايات المتحدة.

واليوجا في حقيقتها طيف من أطياف رحلة المصالحة مع النفس عبر التأمل وادارة الانفعالات والتطهر من المشاعر السلبية بما يفضي لتواصل ايجابي مع الذات والآخر ويولد "الطاقة الايجابية".

وفي سياق المهرجان الثقافي الهندي بمصر والذي يستمر حتى السابع والعشرين من شهر ابريل الحالي تحت عنوان "الهند على ضفاف النيل" تبدو "اليوجا" موضع اهتمام في فعاليات هذا المهرجان الذي بات علامة دالة على أهمية الثقافة في التواصل التاريخي والحضاري بين مصر والهند.

كما كانت اليوجا حاضرة في فعاليات المهرجان بحديقة الأزهر ومتحف الطفل بحي مصر الجديدة الذي اقيم بهذا الحي القاهري الأنيق منذ عام 1985كمشروع ثقافي مشترك مع المتحف البريطاني فيما تحظى ايضا "ورش رقصات بوليوود" باقبال واضح من الجمهور العاشق للاستعراضات الفنية الهندية مابين القاهرة والإسكندرية.

وفي المهرجان الثقافي الهندي الحالي " الهند على ضفاف النيل" يقوم خبراء ومعالجون بتقديم المشورة واسداء النصح للراغبين في ممارسة اليوجا فيما كان سفير الهند في القاهرة سانجي باتاتشاريا قد نوه في تصريحات صحفية بحرص منظمي المهرجان على تقديم فعاليات مختلفة ومتنوعة كل عام لارضاء كافة الفئات العمرية.

وتوصف "اليوجا" بأنها الطريق للتصالح مع الذات وتحقيق السلام النفسي وانعتاق الروح من القيود المكبلة لانطلاقها واشراقاتها وهي تدخل في اهتمامات الفلاسفة والمفكرين واصحاب الطروحات الثقافية المتعمقة كممارسات تأملية لبناء رؤى خلقية تستهدف السمو بالروح والسيطرة على الغرائز.

وإذ تشهد فعاليات هذا المهرجان الثقافي اقبالا من الشباب الذين يبدي الكثير منهم اهتماما وفضولا حيال "طقوس اليوجا" كانت مكتبة الأسكندرية قد استضافت فعالية عنوانها "يوجا وصحة" وتعريف الجمهور بالتقاليد الطبية الهندية.

وكان "مهرجان الهند على ضفاف النيل" في العام الماضي قد تضمن فعاليات "للعلاج باليوجا والطب البديل" وجلسات مجانية للعلاج باليوجا وما يعرف "بالايروفيدا" وارشادات للتركيز وتقليص ضغوط الحياة اليومية.

ومن نظريات اليوجا أن كل شعور سلبي يرجع بشكل مباشر لأحد اعضاء الجسم وعلى سبيل المثال فالشعور بالخوف حسب هذه النظرية يرجع للكلى بينما يعود الحزن للكبد ويسكن التوتر في المعدة والأمعاء.

وقد تستعيد الذاكرة الثقافية المصرية اهتمامات متنوعة للكاتب الراحل أنيس منصور كان من بينها اليوجا كرياضة روحية جنبا الى جنب مع اهتمامه الأصيل بالفلسفة الوجودية فيما تنشر صحف كبرى في الغرب كصحيفة نيويورك تايمز تقارير مستفيضة حول اليوجا مثل تقرير جاء بعنوان دال وهو : "الهند وسياسلت اليوجا" بقلم ماني سوري وهو استاذ للرياضيات في جامعة ميريلاند وصاحب اهتمامات ادبية وله قصة بعنوان "مدينة ديفي" .

وفي هذا التقرير الذي جاء بمناسبة تدشين الاحتفال باليوم العالمي لليوجا في الحادي والعشرين من يونيو عام 2015 بعد مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على هذا القرار لاحظ ماني سوري ان التأييد الدولي داخل الجمعية العامة الأممية كان غلابا ويعبر عن حماس المجتمع الدولي للاحتفال باليوجا بناء على اقتراح "من بنات افكار رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي".

وفي شهر أكتوبر الماضي كان من اللافت ذلك الاقبال النسائي على حضور تمارين اليوجا في فعالية اقيمت على شاطيء بمنتجع "العين السخنة" في محافظة السويس والاصغاء لارشادات المدربة ساندرا شاما كار المتخصصة في "الكونداليني يوجا".

وهذه التمارين "للكونداليني يوجا" على ساحل خليج السويس كانت تستهدف ايجاد ممرات هوائية عبر ضبط التنفس لبث طاقة ايجابية في شتى اعضاء الجسد وصولا لما تسميه ساندرا شاما كار "بالطريق للسعادة" عبر اربعة محاور لتمارين اليوجا والتأمل وتناول الغذاء السليم باعتبار ان نوعية الغذاء تؤثر مباشرة على الحالة المزاجية للكائن الانساني.

ويشير ماني سوري في تقريره المنشور بصحيفة نيويورك تايمز الى ان المراكز الثقافية والسفارات الهندية تقوم بدور واضح في الترويج لليوجا الهندية كما ان طلاب المدارس الثانوية والجامعات داخل الهند يشاركون في احتفاليات هائلة لهذه الرياضة الروحية الى جانب العاملين في الدوائر الحكومية.

ومع ذلك فان الأمر لايخلو من مكايدات سياسية كما يوضح ماني سوري لافتا الى ان بعض احزاب المعارضة رأت في هذا الاهتمام الكبير من حكومة ناريندرا مودي باليوجا محاولة لتعزيز مكانة حزب بهارتيا جاناتا اليميني القومي الحاكم.