كرّمت تظاهرة "صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016" في اليوم الثالث من الدورة الأولى لأيام صفاقس السينمائية، السينما الفلسطينية من خلال أحد رموزها ومناضليها المخرج والممثل الكبير "محمد بكري" الذي قال لحظة تكريمه من قبل منسقة التظاهرة "هدى الكشو" إنه يأتي إلى تونس في كل مرة مدفوعًا بالكثير من الحب، وأنه لا يشعر هنا بالغربة لأن العلاقة بين التونسيين والفلسطينيين قوية، وممتدة في عمقها مستحضرًا استقبال تونس لمنظمة التحرير الفلسطينية عقب محنة اجتياح بيروت سنة 1982.
وعرضت الدورة الأولى لأيام صفاقس السينمائية لمحمد بكري فيلمين الأول وثائقي من إخراجه بعنوان "من يوم ما رحت" حائز على التانيت الذهبي في أيام قرطاج السينمائية، والثاني روائي طويل من بطولته بعنوان "عيد ميلاد ليلى" للمخرج "رشيد مشهراوي وتحصل به على جائزة أفضل ممثل من أيام قرطاج السينمائية أيضًا، هذا مع درس في السينما من تدبيره.
وقال "محمد بكري" إنه سعيد بزيارة صفاقس عاصمة الثقافة العربية التي خصصت يومًا من أيامها السينمائية لتكريم السينما الفلسطينية وعبّر عن إعجابه بمركب محمد الجموسي.
أما منسقة تظاهرة "صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016" هدى الكشو فقالت لحظة تكريم "محمد بكري" إن اليوم المخصص للسينما الفلسطينية حدث كبير ومهم باعتبار أن القضية الفلسطينية تهمنا وهي واحدة من أمهات القضايا بالنسبة إلينا وفلسطين دائما في القلب وعاصمتها القدس هي العاصمة الدائمة للثقافة العربية والانتصار للثقافة الفلسطينية هو انتصار للثقافة العربية.
وكان الموعد في اليوم الثالث للدورة الأولى لأيام صفاقس السينمائية ضمن تظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016 مع عرض فيلم "يا خيل الله" للمخرج المغربي "نبيل عيوش" الذي لا يفوت الفرصة للتذكير بأن أمه تونسية. وشارك الفيلم في الدورة السابعة والستين لمهرجان كان السينمائي ضمن قسم "نظرة ما"، وفيه يحرك "نبيل عيوش" السكين في جرح تفجيرات "الدار البيضاء" (سنة 2003) معتمدا على قصص واقعية ووقائع حقيقية، مستنجدا ببطلين من الحياة وهما شقيقين من حي "سيدي مومن" أشهر الأحياء الشعبية في الدار البيضاء.
ويركز الفيلم على سيرة أخوين ورفاقهما، مفصلا وضعهما الاجتماعي والمعيشي إذ كبرا في أجواء من البؤس المعمم في حي "سيدي مومن"، حيث يسيطر الحرمان والعنف فلا تتسع لهما الحياة مما يدفعهما إلى التطرف والموت، ويرى "عيوش" أن "تفجيرات الدار البيضاء لا تهمه بقدر ما تهمه سيرة هؤلاء الشبان، وما قادهم إلى ارتكاب فعلهم" ويضيف قائلا "أردت أن أعبر إلى الجانب الآخر من المرآة، أن أحكي التاريخ الشخصي لهؤلاء" .
ويعتمد نبيل عيوش في فيلمه على الواقع إذ اختار التصوير في مكان يشبه تمامًا المكان الذي نشأ فيه منفذو تلك التفجيرات وعلى بعد خمسة كيلومترات منه، ومع ممثلين غير محترفين من سكان الحي المهمش... وكان المخرج قد عدل عن التصوير في سيدي مومن بعدما زحفت المدينة إليه، وأقيمت مبان عالية في بعض جوانبه، بينما هو كان يريد مكانًا بكرًا كما كان عليه الحي من قبل...
ويقول "نبيل عيوش" في هذا الإطار "حين نختار أن نصوّر ضمن شروط واقعية فإن صعوبات مختلفة نتعرض لها، لكن بيئة الحي المعدم تكسب العمل واقعية لا مثيل لها، هذا ما ذهبت للبحث عنه هناك، وهذا ما يمنحني سعادة حقيقية"
ويقترب هذا الفيلم في نهجه وأسلوبه السينمائي وطبيعة الموضوع الذي يعالجه من فيلم المخرج السابق "على زاوة" (2000) الذي أكسبه شهرة واسعة خاصة في تونس