الأستاذة منال حمدي المحامية و الدكتورعبد الله الناصر حلمي

تبقى ظاهرة الزواج المُبكِّر من الظواهر المنتشرة في مصر وبعض المجتمعات العربية- رغم اختلاف الزمن وتطوُّر التكنولوجيا- فهناك ضحايا لهذا الزواج وهناك نتائج سلبية أيضا انتشرت.. لذلك كان علينا إلقاء الضوء على مثل هذه الظاهرة؛ بالنظر إلى أهم الدوافع التي تمثلت في "الجهل والفقر"، وعن أسباب هذا الزواج تحدَّث أمين تجمع آل البيت الشريف واتحاد القوى الصوفية ورئيس مجلس إدارة جمعية "معكم" للتنمية، الدكتورعبد الله الناصر حلمي؛ حيث قال إن سبب ظاهرة الزواج المُبكِّر يرجع إلى الفقر والجهل.

وأوضح أنه لابد من التوعية لأن هناك خطرًا كبيرًا على صحة الطفلة التي تتزوج مبكرًا وخاصة إذا ظهر الحمل، لأن الأهل يبقون عليها في المنزل لتلد وهذا خطر كبير على حياتها لأنها لا تجد الرعاية الطبية اللازمة، وهم يخافون من نقلها إلى المستشفى لأنها في واقع الأمر "طفلة". مشيرًا أن هذه الظاهرة انتشرت بسبب عادات متوارثة قديمة وهي "سَتْر" البنات، مثلما حدث في واقعة لابنة أحد حراس العقارات عندما قام بتزويج ابنته وهي في المرحلة الإعدادية والسبب أنه يريد أن يكون لها بيت دون النظر إلى عواقب ما فعله بابنته.

وأضاف الدكتور عبد الله أن العلاج يتمثل في العديد من الإجراءات التي لابد أن تتخذها الدولة والمجتمع، فعلى الدولة أن تُجرِّم الزواج المُبكِّر بشكل أكثر تفعيلًا مثلما حدث في ختان البنات، فلولا تغليظ عقوبة الختان لم قلت هذه العادة في المجتمع بشكل ملحوظ. مشيرًا أن هذه الظاهرة وهي الزواج المُبكِّر منتشرة انتشارًا كبيرة في البنات اليتيمات لأن البنت اليتيمة تريد من يقوم بالإنفاق عليها ولهذا كان القانون الذي أصدره الرئيس الراحل أنور السادات، في صرف معاش الوالد للابنه المطلقة منصفًا للمرأة إلى حد كبير وعن دوره كمسئول عن إحدى الجمعيات المجتمعية، وأوضح أنه كثيرًا ما يحاول نشر التوعية وسط أهالي المنطقة التي بها الجمعية عن طريق إقامة عدد من المحاضرات التوعوية، ولكن لابد من تكاتف المجتمع والدولة معا لمواجهة هذه الظاهرة التي مازالت منتشرة في عدد من الدول العربية مثل مصر والسودان.

إنقاذ الفتيات

وحول الطريقة التي لابد من أن تتبع لإنقاذ أرواح الفتيات قالت الأستاذة منال حمدي المحامية أنه لابد من ضرورة قيام المجلس القومي للأمومة والطفولة بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة بعمل مجموعة من اللجان لمتابعة مكاتب المأذونين المختصين بعقود القران للحد من هذه الظاهرة مع عمل ملفات ومعلومات عن مجموع الإناث في كل محافظة عن طريق كشوفات المواليد في كل حي من الإحياء ومتابعة الفتيات اللاتي يبلغن سن الـ14 وهو السن الذي تتزوج فيه الفتاة.

وتحدَّث في هذا الشأن الأخصائي الاجتماعي وليد الزغبي، قائلًا: "إن الظاهرة ساعد فيها للأسف وسائل الإعلام فمثلًا في أحد المرات قابلت سيدة تعمل في بيع السجائر وعرفت منها أنها ستقوم بتزويج ابنتها التي لم تبلغ من العمر 13 عامًا وعندما سألتها أوضحت أن التليفزيون يحتفل بهم فكل برنامج يأتي بطفلين ولد وبنت وهما يقيمان حفل خطوبتهما وهما في مراحل التعليم وأهلهما سعداء. فهل هذه الفرحة حلال على المثقفين وحرام على الغلابة". موضحًا أنه وقتها لم يستطع الرد عليها لأنه أحس أنها تتكلم بمنطق فلو كان المجتمع والدولة يريدان أن يحدا من هذه الظاهرة لماذا يبث حالات سعيدة بهذا الشكل على بعض القنوات الفضائية.

وظهرت بسبب هذه الظاهرة ضحايا وفي هذا الصدد تحدثت رباب عن أن شقيقتها الصغرى إيمان تزوجت وهي في عمر الـ15 عامًا وماتت أثناء الحمل وكان عليها أن تتزوج من زوج شقيقتها لتربية إبنها وتزوجته وهي في عمر الـ13 عامًا ولكنها أنجبت هي الأخرى ومات طفلها ولا يوجد لبن في ثدييها بسبب ضعفها وبالتالي تزوج زوج شقيقتها بثالثة حتى تعتني بطفله.. موضحة أن الجهل هو الذي دفعها ودفع أسرتها لخراب البيت. موضحة أنها كانت في الصف الثاني الإعدادي وأن أحد أقربائها نصحها بعدم الزواج ولكنها لم تسمع له حيث كانت متصورة أنها سترعى إبن شقيقتها الراحلة؛ وتحدث في هذا الأمر عم زكريا وهو حارس عقار حيث قال: "إن نساء عائلته تزوجن وهن في سن صغيرة وهذه عادة فيما بينهم وكل فتيات العائلة يعشن حياة جيدة ومستقرة إلى حد كبير موضحا أن الفتاة المتزوجة عندما يكبروا أبنائها يكونون في ضهرها وسندها وتفرح بيهم على حياة عينها".. ومازال المجتمع يعاني من هذه الظاهرة وهي تودي بحياة فتياتنا وحياة أبنائنا. وعلينا أن نتكاتف حتى تخرج أجيال قوية تستطيع أن تبني بلادها.