الدكتور رائد محسن

كشف الإخصائي النفسي، الدكتور رائد محسن، أن وفاة أحد الأقارب خصوصًا إذا كان قريبًا من المحيط الذي يعيش فيه الطفل، بمثابة زلزال نفسي قد يؤثر على كيان الطفل بصورة سلبية إن لم يتم التعامل معه بحكمة وروية، فلحظة الإعلان عن هذا الخبر الحزين للطفل مرحلة أساسية ومهمة، إذ أنها تحدد معالم ردة فعله تجاه هذا الأمر الجلل، ويجب على من يتولى مهمة إيصال هذا الخبر اختيار ألفاظه بعناية خاصة، حتى لا يقع في دوامة من الحزن أو الشك والاكتئاب من الحياة.

وأضاف الدكتور رائد محسن، أن أول شيء يتبادر إلى الذهن، هو تجنب قول الحقيقة بشكل مباشر وصريح، عوض أن تقولي لطفلكِ مثلًا "لقد توفي جدك، تقولين له "لقد ذهبت روح جدك إلى السماء، أو لقد ذهب جدك إلى الجنة حيث سينتظرنا" أو غيرها من العبارات المألوفة، التي تعتمد على خيال الطفل الخصب لتجنيبه صدمة الحقيقة.

وأكد الدكتور محسن، أن هذه الطريقة ليست ذات جدوى كبيرة، إذ أنها تعمل فقط على تأجيل الصدمة، وقد يعتقد الطفل صدقًا في داخله بأن جده يوجد في السماء، فيظل يبحث عنه بين النجوم والغيوم عله يجده فيكلمه ويلاعبه، وقد ينتظر رجوعه في أي لحظة، لذا أنصح بتجنب هذه الوضعية وإعلان الخبر مباشرة دون إطالة ولا إيجاز، بقولكِ له "جدك قد توفي" لتجنب الصدمة، ويمكنكِ أن تعلمي طفلكِ كيف يحس بمعية الشخص المتوفي من خلال استذكار اللحظات الجميلة التي قضاها بصحبته والدعاء له في كل لحظة يتذكره.

وتابع الدكتور محسن، أنه "في دوامة الحزن التي تخيم عليكِ، قد لا تملكين الجرأة لإعلان هذا الخبر بنفسكِ لطفلكِ، فتستعينين بأحد الأقارب أو الأصدقاء للقيام بهذه المهمة، ولكن هذه الخطوة غير مأمونة العواقب، لأن الطفل يكون أكثر تعلقًا بوالديه ولا يمكنه الشعور بالأمان وتقبل الأمور إلا إذا ساعداه على هذا الأمر بنفسيهما، فحتى لو بدا الأمر صعبًا عليكِ ولم تجدي في نفسكِ القوة الكافية لمواجهة الموقف، يجب عليكِ أن تتولي بنفسكِ أو أن توكلي زوجكِ بمهمة إخبار طفلكِ بهذا الأمر الحزين، ويمكنكِ أن تطلبي مساندة أختكِ أو صديقتكِ في لحظة الإخبار حتى تستندي على حضورها لمواجهة الأمر".

وأشار محسن، إلى أنه يمكن التنبؤ بردة فعل الطفل عند سماع خبر الوفاة، فقد يبدو متجاهلًا للأمر، فلا ينطق بأي كلمة ولا يذرف دمعة واحدة، بل قد يطلب منكِ أن تشغلي له التلفاز لمشاهدة رسومه المتحركة، مؤكدًا أن عدم بكاء الطفل لا يعني عدم حزنه أو عدم تأثره بالخبر، فلا ينبغي لكِ أن تقيسي أفعاله أو ردة فعله بردة فعل الكبار، فهو يحتاج فقط لوقت أطول نسبيًا لتقبل الأمر، ولا يمكنه تقبل الخبر بصورة آنية، بل يتطلب منه هذا الأمر بضعة أيام أو بضعة أسابيع، وقد يبدو لكِ خلال هذه الأيام متجاهلًا، لكن اعلمي أنه يهيئ نفسيته لتقبل هذا الأمر الحزين.