أكثر من تسعين جريمة قتل شهدها لبنان منذ بداية العام 2017

أكثر من تسعين جريمة قتل شهدها لبنان منذ بداية العام 2017، فشلت معظم الجرائم في هزّ الرأي العام اللبناني لمدّة تتجاوز ما بعد ارتكابها بساعات. كل الخلافات هنا قد تؤدي إلى الموت، حتّى ولو اقتصر الأمر على إشكال مروري عابر، كما حصل مع الشّاب روي حاموش في مطلع هذا الشهر، أو على خلاف على فنجان نسكافيه.
لم يُعجب فنجان النّسكافيه الشاب مارك يمّين، فكانت ضريبة من حضّر الكوب الموت، حاله حال بائع دجاجٍ مشوي في البقاع، لم يكن سريعا بما فيه الكفاية في خدمة زبونه فأرداه الزبون قتيلاً.

يتزايد عدد الجرائم في لبنان بشكلٍ مخيف، فالبيئة الضاغطة متوّفرة، والأسباب عديدة، أما المحاسبة، فسرعان ما تغفو في حضن المحسوبيات السياسية والطائفية المناطقية.
يمكن فصل الجرائم ومسبّباتها عن الواقع المجتمعي في لبنان، فنسب البطالة مترافقة مع نسب الفقر إلى ازدياد، ما يرفع من نسبة جرائم السّرقة والقتل، إن كان قتلاً بهدف السّرقة، أو بدافع الفقر والعوز وقلّة الحيلة.

ويكاد لا يخلو أي بيت لبناني من السّلاح الفردي، فالفوضى السياسية التي سادت منذ ما بعد التّمديد الثاني لمجلس النّواب، فتحت الباب أمام انتشار السّلاح واستسهال استخدامه. 
وغياب الاستقرار معطوفا على التحريض السياسي المجتمعي، سمح لكلّ من تسوّل له نفسه استخدام السّلاح باستخدامه، فسّجل لبنان العديد من الجرائم التي صدمت الرأي العام، كجريمة مقتل المواطن جورج الريف في وضح النّهار طعنا بالسّكين، على مرأى الجميع وتحت شرفة منزل الوزير آرتور نظاريان في الأشرفية.
قاتل جورج، طارق يتيم، يقبع في السّجن اليوم دون محاكمة، ويستفيد من تأجيلٍ للمحاكمة تلو آخر. مقتل جورج مهّد لحالة من التّفلت في ظل السّلاح المنتشر، وشكل الجرائم، بالسّكاكين أو المناشير أو الأسلحة النّارية.

يخال للمتابع أن هذه القصص ليست إلا جزءا من مسلسل درامي بوليسي، تختلف قصصه وتجتمع نتائجه عند الموت.يكفي أن تتجاوز سيارة أخرى على الطريق العام كي تتوافر دوافع الجريمة، ويشعر الكثيرون من الذين لا يملكون سلاحا ولا يتمتعون بغطاء سياسي يستفيدون منه، أن عليهم أن يودّعوا أحبابهم عند الخروج ولو لشراء علبة سجائر من الدّكان القريب.

حكم الإعدام لا يزال ساري المفعول في لبنان، لكن دون توقيع المعنيين عليه، أي رؤساء الجمهورية، وذلك تفاديا لخرق الشرائع الدّولية الحامية لحقوق الإنسان. 
كثرة الجرائم وتزايدها دفعا بالعديدين للمطالبة بتفعيل العمل بالقانون وتطبيقه، مما أثار جدلاً واسعاً بين مؤيد لتفعيله ومعارض، مع تلميحاتٍ من وزير الداخلية ورئيس الحكومة بقبولهما العرض الشعبي، أي تنفيذ الحكم.

الثقة بالأحكام المشدّدة من سجنٍ مؤبدٍ وأشغالٍ شاقة غائبة، إذ كثيراً ما يتدخل الغطاء السياسي ويغطي المجرم، ساحباً الغطاء من تحت القضاء، وبالتالي، دافعاً إياه، أي القضاء، للإفراج عن المجرمين.