الادمان

ليس من السهل أن يأخذ المدمن قرارا بالإقلاع عن تعاطي المخدرات أو الكحول والأصعب من ذلك ولأسباب قد تكون اقتصادية أو اجتماعية أن يقرر هو بنفسه أو بالاتفاق مع عائلته أن يكون العلاج داخل المنزل. وربما يشعر المدمن أنه لا يريد إحراج عائلته من الناحية الاجتماعية، وربما تكون تكلفة العلاج باهظة إذا ما كان ينتمي إلى الطبقة المتوسطة أو ما دون، لذلك يفضل أن يكون علاجه داخل الجدران الأربعة، ولكن الخطوة الأهم والأصعب هو قراره الجدي بالإقلاع عن التعاطي كشرط أساسي لبدء العلاج، وإذا ما خطا هذه الخطوة، سوف يكون بحاجة ماسة إلى مساندة الوالدين والأصدقاء الأصحاء، في حال كان أعزب، أو مساندة الزوجة في حال كان متزوجًا.

 لذلك يلقى على عاتق الزوجة والوالدين مسؤولية كبيرة، وهي المساندة الكاملة والدعم المستمر للمدمن خلال خوضه للمعركة الكبرى، فعندما يصل المريض إلى مرحلة يشعر فيها بانه ذاهب إلى النهاية لا محالة، قد يكون قراره حاسما وجديا. وعندما يفاتح المريض أهله وزوجته بقراره هذا، عليهم أن ياخذو ما يقوله على محمل الجد، وأن يشعروه بذلك بعيدا عن نظرات الازدراء وعدم تصديق ما يقول، بل على العكس يجب إشعاره أنهم مؤمنون وواثقون بما يقوله ثقة مطلقة، وأنهم سيقفون بجانبه حتى نهاية المعركة، نعم هي معركة بكل معنى الكلمة، فهناك الكثير من التحديات التي تنتظركم منها وصوله إلى مرحلة اليأس، والتفكير بالعودة إلى ما كان يتعاطاه ويريحه، أو ربما الإقدام على محاولة الانتحار عندما يشعر بانه غير قادر على مواصلة المشوار، ولا يريد العودة إلى الوراء.
 
 لذلك تبرز هنا أهمية اللجوء إلى طبيب متخصص بمعالجة الإدمان بالإضافة إلى دكتور نفسي حتى تكتمل الأضلع الثلاثة التي ستشكل الدعم الأساسي للمريض، لأن فترة العلاج قد تدوم من 3 أشهر إلى سنة بحسب السنوات التي أمضاها وهو غارق في مستنقع الإدمان, فأولا على الأهل أو الزوجة الاقتناع تماما بأن الحالة التي أمامهم هي حالة مرضية، وهو مريض والكف عن التفكير في العقل الباطن وتخزين ذلك المعتقد بأنه مدمن وإنسان غير سوي.
 وثانيا: أن البدء في مرحلة ما يسمى بعوارض الانسحاب يحتاج إلى بعض الأدوية التي تخفف من وطئتها، ومن هنا تبرز أهمية وجود الطبيب المتخصص، فهو الوحيد الذي بإمكانه مساعدة المريض، والعائلة على حد سواء وفي هذه المرحلة سوف يصعب عليه الذهاب إلى العمل أو إلى الجامعة، لذلك عليه أن يمكث في المنزل لأن حالات عوارض الانسحاب التي قد يمر بها سوف تجعله في وضع غير طبيعي، ولن يكون قادرا على مواجهة أحد، بالإضافة إلى أن مكوثه في المنزل سوف يبعده عن المروجين أو المكان الذي يحصل منه على المخدرات، ومن هنا تأتي اهمية وجود العلاج النفسي الذي سيدعمه ويدعم الأهل معه، لأن هناك الكثير من المطبات التي سيمر بها المريض وقد ذكرنا البعض منها سابقا.

 والعلاج بالعقاقير لن يكون الحل الوحيد في تلك الحالة, بل نحن بحاجة إلى الدعم النفسي من خلال الطبيب والأصدقاء الأصحاء الذين يجب أن يكون حضورهم طاغيا في هذه المرحلة الحساسة من حياة المريض، لأنه من الصعب عليه ان يبقى فترة طويلة بمفرده، ولا يجب أن يترك وحيدا على الإطلاق حتى عندما يكون نائما، ومشاعره وأحاسيسه يجب ان تكون معلنة وغير مكبوتة، ومن المعروف أن المريض قد يقول لأصدقائه وطبيبه ما يشعر به ويحجم عن التعبير عن مشاعره لأهله، وعندها سوف تكتمل عناصر خوض المعركة وهي قرار المريض، الأهل، الاطباء، الأصدقاء، وعلينا أن ندرك أنه في بعض الحالات يتم علاج الأثرياء في منازلهم، وذلك خوفا على مراكزهم الاجتماعية وصورتهم أمام الناس، ولكن المهمة هنا تتساوى مع المريض المنتمي إلى عائلة متوسطة أو فقيرة فأمام الإدمان كلنا متساوون