المرأة العربية

في حين تتجه أنظار العالم لمواجهة الأوبئة والأمراض الخطيرة كالسرطان، يقبع في الخفاء شبح مرض صامت يصعب اكتشاف عوارضه، بل يمتنع المصاب به عن علاجه خوفا من نظرة الآخرين، فيتفاقم ويتطور ليصل إلى حد الانتحار.. إنه الاكتئاب، الذي انتشر في الدول العربية ليجعلها في صدارة المصابين بالاكتئاب في العالم.
فإضافة إلى سقم الجسم والحالة النفسية المترديّة، يدمّر الاكتئاب العلاقات الأسرية والصداقات وكذلك قدرة الإنسان على كسب العيش، فضلا عن أنه يؤدي إلى الانتحار، فهو ثاني سبب رئيسي للوفاة بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و29، أي من هم في مقتبل العمر.

ما الاكتئاب؟
تعرِّف منظمة الصحة العالمية WHO الاكتئاب بأنه "مرض يميّزه الشعور الدائم بالحزن وفقدان الاهتمام في الأنشطة التي يتمتع بها الشخص عادةً، وهو يقترن بالعجز عن أداء الأنشطة اليومية لمدة أسبوعين على الأقل".
وتظهر على المصاب به أعراض "فقدان الطاقة، وتغيّر الشهية، والنوم لفترات أطول أو أقصر، والقلق، وانخفاض معدل التركيز، والتردّد، والاضطراب، والشعور بعدم احترام الذات أو بالذنب أو باليأس، والتفكير في إيذاء النفس أو الانتحار".
كما تُعد التغيرات المصاحبة للشيخوخة "سببا شائعا في إصابة المتقدمين في السن بالاكتئاب، وهم معرضون بشكل أكبر لخطر الانتحار. ويقترن شعورهم بالاكتئاب مع إصابتهم بالأمراض المزمنة ومرض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري". وقد تُصيبهم "أحداث الحياة الصعبة، مثل فقدان الشريك؛ وتدني مستوى قدرة الفرد على فعل أشياء كان يستطيع فعلها في سن أصغر" بالاكتئاب.

الدول العربية تتصدّر
ويعاني حاليا أكثر من 300 مليون شخص من مرض الاكتئاب في شتى أنحاء العالم، كما ارتفعت معدلات الإصابة به بنسبة 18% منذ عام 2005.
وتؤكد إحصاءات المنظمة أن عدد النساء المكتئبات أكبر مقارنةً بالرجال، وأن الاكتئاب في أسوأ حالاته يؤدي إلى الانتحار، بمعدل 800 ألف شخص سنويا.
وتبين أن تفاقم العنف وغياب الاستقرار في الدول العربية، جعلها تتصدر دول العالم في نسبة الاكتئاب.
وتشير إحصائيات البنك الدولي إلى أن "7 بلدان من أصل 10 تتصدر العالم في ظاهرة الاكتئاب لدى النساء، هي بلدان من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

دول الربيع العربي بذيل قائمة السعداء
واحتلت عدة دول عربية، من بينها دول الربيع العربي، ذيل قائمة مؤشر السعادة العالمي لسنة 2017 الذي أصدرته الأمم المتحدة وضمّ 155 بلداً.
وجاءت سورية في المرتبة 152 عالميا، واليمن بالمركز 146، والسودان بالمركز 130، وشغل العراق المركز 117 عالميا.
بينما احتلت مصر المرتبة 104 عالميا، وسبقتها فلسطين بالمركز 103، وتونس بالمركز 102، كما شغلت ليبيا المركز 68 بين الدول الأكثر سعادة بالعالم، والجزائر 53، والبحرين 41 عالمياً، والكويت بالمركز 39.

الإمارات
أما دولة الإمارات فحصلت على المركز الأول بين الدول العربية في مؤشر السعادة العالمي، الذي أصدرته الأمم المتحدة، كما حصلت على المركز 21 عالمياً من بين 155 دولة.

السعودية
أما في السعودية، فبلغ عدد المصابين بالاكتئاب العام 2015 أكثر من 54 ألفاً و622 مصاباً. وأعلنت الإدارة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة السعودية أن هذا الرقم يحصي من يترددون على العيادات النفسية التابعة للوزارة فقط.
وحسب تقرير مجلة "بلوس ميديسن" الطبية، الصادر في 2013، فإن نسبة من يعانون الاكتئاب في السعودية تتراوح بين 5% إلى 6%. بينما أعلنت الجمعية السعودية لطب الأسرة أن الاكتئاب يُصيب 17% من البشر في مرحلة من مراحل العمر، وأن معدل إصابة النساء به ضعف معدل إصابة الرجال.
ونقلت قناة العربية عن نائب مدير مجمع الأمل للصحة النفسية، عبدالسلام الشمراني، تأكيده أن 90% من المرضى النفسيين بالسعودية يتجهون إلى "الرقاة الشرعيين" قبل المستشفيات والعيادت النفسية، لافتا إلى أن "وصمة العار المصاحبة للمرض النفسي" تدفعهم لذلك.

مصر
وفضلا عن أن مصر تأتي في ذيل قائمة الدول الأكثر سعادة باحتلالها المركز 104 من بين 155 دولة، أشار معهد الصحة النفسية إلى أن 45% من المصريين يعانون من أمراض نفسية، إلا أنهم لا يذهبون للعيادات النفسية ولا يتلقون العلاج، وأن 12 مليوناً يترددون على العيادات النفسية.
وأوضحت وزارة الصحة المصرية، أن أكثر من نصف مليون شخص ترددوا على عيادات الوزارة النفسية. وبينما لفت رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي، أحمد عكاشة، إلى أن عدد المصريين المصابين بالاكتئاب بلغ مليوناً ونصف المليون، فقد أكد أن الاكتئاب هو ثالث أكثر الأمراض انتشاراً في العالم، وأنه سيحتل المرتبة الأولى عالميا العام 2030.
ولفت عكاشة إلى أن 70% من مرضى الاكتئاب لا يذهبون إلى أطباء نفسيين، لأن أعراض الإصابة به تكون جسدية كالإعياء الإرهاق؛ فيذهب المرضى إلى طبيب الأمراض الباطنية.​