الأثري سامح الزهار

كشف الأثري سامح الزهار، المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية، أن سبيل محمد كتخدا الحبشي من أهم أسبلة القاهرة العتيقة؛ حيث أنشأه الأمير يوسُف أغا قزلار دار السّعادة الحبشي سنة 1088هـ (1677م)، ويعلوه كُتاب لتعليم الأطفال القراءة والكتابة وملحق بوكالة.

وأضاف "الزهار"، أنه ورد في نص تسجيلي على إزار أسفل سقف حجرة التسبيل اسم المنشئ محمد كتخدا مستحفظان، لكنه تبين أن المنشئ الحقيقي هو يوسف أغا والذي كان يتولى وظيفة كتخدا مستحفظان مصر في ذلك الوقت، ويقرأ النص: "بسم الله الرحمن الرحيم" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويُتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا، هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيماً، ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها، أنشأ هذا السّبيل المبارك الأمير محمد كتخدا مستحفظان كان الله له على الدوام سنة 1088هـ".

تعرف علي السبيل:
وأشار" الزهار" الي أن للسبيل واجهة واحدة تأخذ شكل زاوية منفرجة على جانبيها شباكين لتسبيل ماء الشرب يفتحان على شارع التبانة، وهناك عمود مُدّمج من نفس مادة البناء في رأس الزاوية المنفرجة وعمودين في طرفي الواجهة ويعتبر هذا السّبيل مثلا فريداً بين أسُبلة عصره، فتخطيطه من الداخل يُعد مرحلة انتقال بين الأسبلة المشيدة طبقا للطراز المحلي المصري والأسبلة المتأثرة بالطراز العثماني ذو الواجهة المقوسة أو النصف دائرية وان كان هناك اعتقاد بأن موقع السّبيل ومساحته هما اللذان فرضا هذا التخطيط المقوس على المهندس المعماري الذي صمم مبنى السبيل.

وأوضح "الزهار" ، يُغشى كل من شباكي التسبيل مصبعات من النحاس يتخلل بعضها لفظ الجلالة، وترتكز المصبعات في كل شباك على بائكة من العقود القوسية صُممت خصيصاً لتسهيل حركة كيزان الشرب دخولا وخروجا، ويعلو كل شباك عتب مستقيم من صنجات مزررة، ويوجد فوق كل عتب منطقة مستطيلة، يتوسط المنطقة اليمنى لوحة تأسيسية تعلوها رفرف خشب، وحول اللوحة بعض بلاطات الخزف الزخرفية، واللوحة التأسيسية الموجودة على واجهة السبيل تتكون من ستة أسطر مكتوبة باللغة التركية.

وقد ورد نص مترجم الى العربية يتضمن تقريظاً ومدحاً في المبنى وعظمته بعناصره: الوكالة والسّبيل والكُتّاب، وذهب الى أن ماء السّبيل فيه شفاء السقيم، وان بناية الكتاب خُصت لكل طفل يتيم وأن المنشئ يوسف أغا لازال في هناء ونعيم، وأنهى أبيات الشعر بحساب الحُمّل الذي يعطى سنة 1088هـ.

وصف السبيل :
تابع "الزهار" وصف السبيل ، أن حجرة التسبيل غير منتظمة الشكل وهي خماسية الأضلاع تقريبا تتألف من قسمين الأول مربع أبعاده 4×4 مترا به دخلة في اتجاه الشارع اتساعها 3 متر استخدمت كشباك للتسبيل، وفي الضلع المقابل له ثلاث دخلات الوسطى مستخدمة للشذروان، والجانبيتان ودواليب لحفظ أدوات تشغيل السبيل، والضلع الجنوبي الغربي لهذا القسم من غرفة التسبيل باب الدخول اليها وسقف هذا القسم من الخشب المسطح ومقسم بواسطة براطيم خشب الى تجاويف طولية وهذا السقف مجلد بالألوان والتذهيب، القسم الثاني من غرفة التسبيل مثلث الشكل ويندمج تماما مع القسم الأول المربع، أحد أضلاع هذا المثلث وطوله 270 سم يفتح على الشارع وبه شباك التسبيل الثاني، وواجهة حجرة السبيل من الخارج تعطى شكل الواجهات المقوسة التي ظهرت في تاريخ متأخر في العديد من الأسبلة القاهرية العثمانية.

 كان يوجد بأرضية كل دخلة من دخلات شباكي التسبيل من الداخل حوض للماء ما زال أحدهما موجوداً بأرضية الشباك الشرقي، أما الثاني فَقَد فُقدَ، وهذا السّبيل من أقدم الأسبلة القاهرية التي كان يوجد بها شذروانان، واحد أمام كل شباك، وقد اندثر أحدهما وتبقى الشذروان الثاني أمام الشباك الشرقي، وكانت جدران حجرة التسبيل وما بها من دخلات والشذروانان مكسوة كلها ببلاطات القاشاني ومعظمها تساقط وبقيت كسوة الضلعين الشمالي والجنوبي.

ذكر علي مبارك سبيل يوسف أغا في الخطط التوفيقية وقال أن الذي أنشأه المرحوم يُوسُف أغا قزلار أغا دار السعادة، وأنشأ فوقه كُتابا لتعليم أيتام المسلمين. وقد أورد على مبارك مقتطفات من حجة وقف السبيل المؤخة سنة 1091هـ (1680م) أي بعد انشائه بثلاث سنوات وقد نَصّت الوثيقة على وقف أملاكه التي وردت حدودها ومواقعها بالوثيقة على نفسه وعلى قَدْرٍ عَيّنَهُ من عتقائه بعد المصاريف التي عَينها للخيرات.. ومن بينها لء صهريج السبيل، ويُصرف للمزملاتي كل شهر 90 نصف فضة وثَمَن أدلية وكيزان وغيره خمسة وأربعون نصفا، ويُصرف لعشرة تلاميذ أيتام بالكتاب أربعة أنصاف بدل جراية شهريا، وللمؤدب أربعون نصفا، وعشرون نصفا للعريف، ويصرف سنويا لكسوة المؤدب والعريف والأيتام العشرة سبعمائة وخمسون نصفا، ويُصرف لوقود قنديل حجرة التسبيل في شهر رمضان خمسة عشر نصفا.

 وأضاف على مبارك أن السّبيل والكتاب موجودان وشعائر هما مقامة تحت نظر ديوان الأوقاف، كتلة الدخول الى السبيل توجد بالطرف الأيسر من الواجهة المقوسة، وهي تتكون من دخلة ترتد الى الخلف قليلا عن واجهة السبيل بوسطها باب يؤدي الى دهليز مستطيل الى اليمين منه باب حجرة التسبيل،والى اليسار باب يؤدي الى دخلة طويلة مستطيلة كانت ملاحق خاصة بالسبيل. وفي صدر الدهليز باب يؤدى الى حجرة بها دور مياه ومرحاض، وبها فوهة الصهريج (مأخذ الماء) وفي الطرف الأيمن للواجهة باب يؤدى إلى الكتاب الذي يعلو السبيل والى حجرة صغيرة أخرى ملحقة بها، وواجهة الكتاب تطل على الشارع بدخلتين مستطيليتين بنفس اتساع شبابيك التسبيل، والسبيل كائن بشارع باب الوزير (التبانة) بجوار جامع أحمد المهمندار بالدرب الأحمر.

وقــــــــــــــــد يهمك أيـــــــــضًأ :

تشكيل لجنة لتحرير العقود للمتعاقدين بوزارة الآثار

 

تعرف على استعدادات وزارة الآثار لافتتاح هرم زوسر المدرج