عاصمة كرواتيا "زغرب"

في الأساطير القديمة، يحكى أن أحد الجنود الكرواتيين كان مصابًا في إحدى الحروب وعطشًا، فطلب من فتاة أن تغرف له الماء من بحيرة في ساحة "بان جيلاسيك" بقوله لها: "زغرابي" أي "إغرفي، فارتبطت تلك الكلمة بذلك المكان، ليطلق لقب "زغرب" على عاصمة كرواتيا، وفق الأساطير.

تلك المدينة الجميلة ليست بعيدة، وقد تكون وجهتك المقبلة للسياحة والاستجمام، حيث سيدشن طيران الإمارات أولى الرحلات المباشرة لهذه الوجهة الواقعة في جنوب شرقي أوروبا في 1 يونيو/تموز المقبل، وستكون هناك رحلة يومية إلى زغرب بطائرة بوينغ 777-300 بتوزيع الدرجات الثلاث، لتصبح أول خدمة بطائرة ذات جسم عريض إلى زغرب.

سمات

وتتمتع زغرب التي تقع في جنوب شرقي أوروبا، بموقع هام، فهي تصل أوروبا الوسطى بالبحر الأدرياتيكي، وتضم مجموعة من الأماكن السياحية المختلفة الداخلية والساحلية، أما بالنسبة للغة، فإن اللغة الكرواتية هي اللغة الرسمية، فيما تعد اللغتان الإنجليزية والألمانية شائعتان في الاستخدام بين السكان. وهناك سمتان ميزتا الطابع العام لزغرب، تلك التي تتلخص في الهدوء والبساطة، فالهدوء شعرت به منذ اللحظة الأولى التي هبطت بها الطائرة على أرض زغرب، فداخل المطار لم أحتج أن أنتظر في صفوف طويلة لإنهاء الإجراءات، بينما كان يجاورني في الصف المقابل سياح من اليابان، ومن هذا المطار الواسع، بدأت الرحلة لاستكشاف زغرب الخضراء، كما بدت لي من نافذة الطائرة، وعاينتها عن قرب، والخضار يكسو جبالها وهضابها أثناء انتقالي في الحافلة إلى فندق "إسبلاناده زغرب"، الذي يعتبر أكبر وأشهر وأفخم فندق في زغرب، بني في عام 1925.

طبيعة
تحتوي زغرب على طبيعة خلابة، تنبض جمالًا كحجر الزمرد الكريم، فمن أعلى جبل ميدفينيكا أو "جبل الدب" الذي يقع وسط كرواتيا، شمال زغرب مباشرة، يتجلى جمال المدينة بكاملها، فمن هناك، تستطيع أن تطل على المدينة بكاملها، وأن تذهب في رحلة تأمل واسترخاء، وكأنك في مكان آخر مع العالم لا يشاركك به أحد، فتغفو بين أحضانه حتى يحين موعد الرحيل وتضم زغرب كثيرًا من الحدائق، مثل حديقة ماكسيمير التي أنشئت في عام 1787، وتعد أقدم حديقة هناك، حيث تشكل جزءً من التراث الثقافي للمدينة، وهي موطن لكثير من الأنواع النباتية والحيوانية المختلفة، والرياضة في كرواتيا جزء من ثقافة البلاد، التي تشتهر بالرياضات المختلفة، مثل التزلج على جبال الألب وكرة القدم والتنس والسباحة، وأعلى قمة في جبل ميدفينيكا هي سلجم بارتفاع 1،035 متر "3،396 قدم"، وعادة ما يشار إلى الجبل بكامله بـ "سلجم".

معالم تاريخية سياحية
يعانق التاريخ مدينة زغرب التي تروي، بين جنبات هندستها المعمارية ومبانيها العتيقة وشوارعها المرصوفة بالحصى، قصة من تعاقبوا على المكان، ومن المعالم التاريخية والسياحية فيها ساحة "بان جيلاسيك"، الساحة المركزية للمدينة والتي تعود للقرن السابع عشر، وسميت باسم السياسي جوسيب جيلاتشيتش تكريمًا له. ومن المعالم السياحية الهامة أيضًا في زغرب، المسرح الوطني الكرواتي ومتحف ميمارا مويسوم ومتحف الفن المعاصر وسوق دولاتش وكاتدرائية زغرب وكاتدرائية القديس ماركو وساحة سان ماركو وبرج لوترسكاك.

دراجات

"الأولوية لمستخدمي الدراجة الهوائية، ورجاء لا تتجاوز المسار"، ملاحظة لن تغيب عن أذهان كل من يزور زغرب، فأهلها يعتمدون كثيرًا على الدراجة الهوائية، وعلى الأرصفة ستجد مسارات مرسومة ومخصصة فقط للدراجات الهوائية، وإذا أخطأت وتخطيت تلك المسارات أثناء سيرك، فإنك حتمًا ستعرقل المرور، وستقابل بنظرات امتعاض لاحترام خصوصية سائقي الدراجات. إلى جانب الدرجات الهوائية، يعتمد أهل زغرب كثيرًا على الترام في التنقل، ما يجعل المدينة أقل تلوثًا، مقارنة بغيرها من المدن التي يقل فيها استخدام المواصلات العامة، ويكثر الاعتماد على السيارة. 

ربطة العنق
أثناء جولتي في منطقة كابتول في زغرب، صادفتنا فرقة عسكرية تؤدي حركات استعراضية بالسيوف، فيما كان جميع أفرادها يرتدون ربطات عنق حمراء اللون، ومن هنا عرفت أصل ربطة العنق التي أصبحت جزءً من الزي الرسمي الشهير حول العالم. ففي القرن السابع عشر، كانت أمهات وزوجات الجنود الكرواتيين، يضعن على أعناق أبنائهم أو زوجاتهم ربطات لتحميهم من الشر، وعندما كان يطل الجنود الكروات من مسافة بعيدة، كان يشار إليهم بالقول "الكرواتيون أتوا"، لارتدائهم لتلك الربطات التي كانت تحدد هويتهم.

الغرافيتي
"محب للفن ولا يرى حدودًا للتعبير" انطباع ستشكله من الدقائق الأولى في زغرب، التي يمتلئ عدد من جدران أبنتيها القديمة والحديثة بفن الغرافيتي على أشكال خطوط وكلمات ورسمات تعبيرية، تكشف عن أفكار ومزاج صاحب تلك الفنون. وتجمع زغرب في تصميمها بين الهندسة المعمارية القديمة والمعاصرة، وتضم مختلف أنواع الفنون، فضلًت عن كونها حاضنة للتراث الثقافي لكرواتيا، ومن المعالم الشهيرة في عاصمة كرواتيا، مسجد زغرب، وهو أكبر مسجد هناك، بدأ بناؤه في عام 1981، وانتهى في 1987، حيث كان لدولة الإمارات مساهمات مالية في بناء هذا المسجد.

ارتفاع
أشارت مارتينا بيننفيلد مدير مجلس السياحة زغرب، إلى أن عاصمة كراوتيا تعد المدينة الأولى على مدار العامين الماضيين، حظيت بأكبر عدد من الزوار القادمين مع ارتفاع في عدد الليالي، مشيرة إلى أن الخط المباشر لطيران الإمارات، سيسهم في زيادة عدد القادمين والليالي في عاصمة كرواتيا. ووصفت بيننفيلد بداية هذا العام بالناجحة سياحيًا في العاصمة زغرب، ففي الأشهر الأربعة الأولى منذ يناير/كانون الثاني حتى نهاية أبريل/نيسان، زاد عدد القادمين لأكثر من 15 في المئة، مع زيادة لأكثر من 12 في المئة في عدد الليالي.

وبالنسبة للعام الماضي، زار مدينة زغرب ما يزيد على المليون زائر، فيما فاق عدد الليالي 2 مليون ليلة، لتكون زغرب المدينة الأولى في كرواتيا التي تحقق هذه الأرقام، بصرف النظر عن دوبروفنيك وسبليت التي هي مدن ساحلية، المدينة الأولى، حيث ارتفع بها عدد الزوار بنسبة 15 في المئة، مضيفة "أصبحت زغرب وجهة مشهورة جدًا للسياحة، ونتوقع بنهاية هذا العام زيادة في عدد القادمين من 10 إلى 15 في المئة".