الممثلة ميريل ستريب

امتلأ المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية بجمهور مهرجان القاهرة السينمائى الذى حرص على الذهاب مبكرا لشباك التذاكر لحجز تذكرة فيلم "فلورانس فوستر جينكينز"، الذى يعرض فى القسم الرسمى خارج المسابقة، وذهب الجمهور إلى المسرح فى تمام السادسة والنصف حتى لا يتأخر على موعده مع السعادة، ساد السكون وانطفأت الأضواء بمجرد بدء الفيلم المقتبس عن قصة حقيقية لسيدة راقية تدعى فلورانس، تصر على الغناء بالأوبر رغم ضعف صوتها وتواضع موهبتها، وظهرت ميريل ستريب بملابس ملاك ذو جناحين يُلهم مؤلف موسيقى أفلست أفكاره، وظل هذا الملاك يلهم كل الحضور على مدار 111 دقيقة هى مدة الفيلم.

عرف الجميع من الوهلة الأولى أنها ترتدى باروكة لكن قبل أن يتذمر أحد من هذا المكياج الفقير، كشف الفيلم أنها تعانى من مرض الزهرى نُقل إليها من زوجها الأول وهى لا تزال بسن الـ18 وأنها صلعاء تماما، فبدأت رحلة التعاطف مع هذه السيدة صاحبة القلب الرقيق التى تحيى على الموسيقى وتعشقها لدرجة الهوس، تفرح كالأطفال فى كل خطوة تخطوها فى هذا العالم السحرى الذى تهرب فيه من قسوة واقعها المظلم ضاربة عرض الحائط بأى أفكار سلبية قد تنهى حياتها فى لحظة.

تجلت عبقرية ميريل ستريب فى الكثير من المشاهد التى غاصت خلالها لأعماق شخصية فلورانس التى اتقنتها عن ظهر قلب منها تعبيرها عن الانجذاب الشديد بعد سماعها صوت أوبرالى جميل وصل لدرجة الانبهار ومن خلال دمعة من عيونها وضحكة من قلبها أحس الجمهور بلحظة  ميلاد حلمها بالغناء على نفس المسرح ، ومشهد اكتشافها لحقيقة موهبتها الضعيفة وسخرية الناس منها كان متقنا لدرجة الكمال فأخذت تمشى متخبطة الخطى وغير مدركة لوجهتها إلى أن سقطت أرضا بعد تحطم قلبها من حقيقة حاول كل المحيطين منها اخفائها عنها خوفا عليها أو طمعا فى الأموال التى يأخذوها من شغفها بالموسيقى.

لم يخلو الفيلم من مشاهد كوميدية خاصة فيما يتعلق بتصرف عازف البيانو الجديد المرافق لها والذى جسده سيمون هيلبرج بعد اكتشافه ضعف موهبتها وتأكده بأن استمراره معها نهاية لحياته الفنية، وتفنن المخرج ستيفين فريرز في إظهار كادرات غاية فى الجمال ومعبرة عن أدق تفاصيل بداية القرن العشرين بجدارة.

شارك فى بطولة الفيلم إلى جانب ميريل ستريب كل من هيو جرانت وسيمون هيلبرج وريبيكا فيرجسون وجون كافانا ونينا ارياندا ونيفى جوتشاف، وديلينا بوكليفا وجايمس سوبول كيلى وإيليوت ليفى ومارك أرنولد، ودانى ماهونى، تأليف نيكولاس مارتن ومن إخراج ستيفن فريرز.