المهرجانات الفنية

تعمل لجان المهرجانات الفنية في لبنان في مثل هذه الأيام كخلية نحل تحضيرا لحفلاتها الصيفية، فالبرامج السنوية لمهرجانات عديدة أمثال بيبلوس وبعلبك وصيدا وصور وبيروت وبيت الدين، تشهد خواتيمها في هذا الموعد من السنة، ليُعلن عن ضيوفها النجوم من لبنان والعالمين العربي والغربي، في مؤتمرات صحافية بهيجة، لكن يبدو أنّ هذه المشهدية التي اعتادها اللبنانيون على مدى سنوات طويلة لن ترى النور هذا العام، وقد تبقى خيوطها غامضة لغاية ثلاث سنوات مقبلة أقله، كما يتردد، فالأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان من ناحية، إضافة إلى وباء «كورونا» الذي أصاب الكرة الأرضية بشلل تام من ناحية ثانية، أسهما في تراجع إمكانية إقامة هذه المهرجانات. صحيح أنّ العام الماضي شهدت بعض المدن اللبنانية مهرجانات خجولة، ولكنّها منذ ذلك الوقت كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة في ظل ضرائب جديدة فرضتها الدولة اللبنانية على الربح الصافي لتلك المهرجانات بلغت نسبتها 37 في المائة. كما أنّ تراجع مبالغ الدعم التي كان يتلقاها منظمو تلك المهرجانات إن من خلال وزارة الثقافة أو الرعاة التجاريين والمؤسسات الخدماتية، انخفضت ميزانياتها بشكل ملحوظ سيّما أنّ غالبيتها كانت المصارف اللبنانية تقف وراءها.


ويقول عبدو حسيني، مدير إنتاج حفلات مهرجانات عديدة في لبنان: «لا نبالغ إذا قلنا وداعا لمهرجانات لبنان الفنية في ظل ضائقة مالية حادة نعيشها. فلا الدولة ولا الـ(سبونسيرز) ولا المواطن باتوا قادرين على تخطي هذه الأزمة. وكل ما يمكنني قوله هو أنّنا بصدد تحويل إنتاجاتنا إلى خارج لبنان، وبالتّحديد إلى دول عربية وخليجية لأنّ أزماتها المادية التي تعيشها اليوم، سيكون بمقدورها أن تتخطاها بعد أشهر قليلة. ومهرجانات لبنان مؤجلة أقله على مدى السنوات الثلاث المقبلة».


ويرى عبدو حسيني في سياق حديثه، أنّ بعض تلك اللجان كمهرجانات بعلبك مثلاً، تبحث عن إمكانية تقديم حفلة افتراضية واحدة. «ستكون موسيقية كلاسيكية كما علمت، تقدم من دون جمهور على خشبة مسرحها. وستكون بمثابة خطوة إيجابية تصبّ في ضرورة الحفاظ على اسمها العريق». ويعلق: «هذا النوع من الحفلات قد يعتمده البعض ليقتصر على واحدة أو اثنتين. وسيتألف فنانوها من نجوم موسيقيين أو مطربين محليين، فالإمكانيات التي كانت تسمح لتلك اللجان باستقدام ضيوف أجانب ولّت، كما صار التنقل بواسطة الطيران معضلة بحد ذاتها يفضل الجميع عدم خوض تعقيداتها».


ويشير حسيني صاحب شركة «تيكيتينغ» لبطاقات المهرجانات والحفلات الفنية في لبنان، إلى «أن التكلفة التي تتكبدها مهرجانات ضخمة كـ(بعلبك) و(بيت الدين) و(بيبلوس) وغيرها كانت تصل أحياناً إلى مليوني دولار وهو مبلغ لم يعد متاحا تأمينه في الزمن الحالي. كما أنّ الجمهور اللبناني ما عاد متحمساً لدفع مبالغ طائلة، ثمن بطاقات له ولأفراد عائلته بعد أن بات تأمين مأكله ومشربه يشكّل همه اليومي والرئيسي».


من ناحيته، يؤكد أمين أبي ياغي، منظم حفلات «أعياد بيروت» وحفلات في كازينو لبنان وبلدات لبنانية أخرى، أنّ الوقت لا يزال باكراً لنتوقّع ما ستحمله لنا الأيام المقبلة في هذا الخصوص. ولكن في المقابل تشير الأوضاع الحالية التي يمر بها لبنان وجميع بلدان المنطقة، إلى أننا لسنا بخير. ويتابع حديثه قائلاً: «لا أريد أن أكون متشائماً، ولكنّنا من دون شك نمر بظروف صعبة جداً. وفيما لو شهدنا تطورات أو انفراجات قريبة في صيف لبنان وهو أمر مستبعد، سنعيد خلط أوراقنا. وقد ننظم كـ(أعياد بيروت) حفلاً أو اثنين نطبق خلالهما الشروط الوقائية المطلوبة في زمن (كورونا)، مع نجوم غناء محليين». ويضيف: «أعرف تماما أنّ هذه الحفلات فيما لو حدثت لن تدرّ علينا كمنظمين أي أرباح، ولكنّها ستمثل وسيلة لنا للتأكيد على وجودنا حتى في الظروف الصعبة».


وصار من المستبعد على المدى الطويل إقامة مهرجانات فنية لبنانية تشبه تلك التي كانت تحدث ما قبل عام 2020. وسنشتاق إلى أجواء الصيف العابق بالترفيه والتسلية والطرب والغناء على أشكاله، وستصبح الأيام الخوالي التي كنّا نشهد خلالها حفلات لفنانين عرب وأجانب في لبنان مجرد ذكريات نتمنى أن تعود يوماً ما في المستقبل القريب.

قد يهمك أيضاً :

إياد نصار يتعرض لموقف محرج خلال مشاركته في أحد المهرجانات الفنية

 

لبلبة تشدد على ضرورة زيادة المهرجانات الفنية في الفترة المقبلة