يعتبر "الكورسية"، الرداء التقليدي والأساسي لسيدات الطبقة البرجوازية في العصر الفيكتوري، فيما رأى البعض أنه كان رمزًا إلى رغبة قمعية بالسيطرة على المرأة بحيث تضاهي نظرة الرجل، ولكن بعد أكثر من قرن، عاد "الكورسية" ليناسب روح العصر الجديدة، فقد تحوّل إلى صيحة تستحوذ على رداء الشارع العادي، وفي القرن العشرين، بات "الكورسية" يدخل إلى عالم الموضة ويخرج منه، فاختفى خلال الحرب العالمية الأولى على سبيل المثال حين دخلت النساء في غمار العمل لأنهن احتجن إلى إضافة الراحة وسهولة الحركة، كما كان خارج الموضة في العشرينيات حين أطلقت كوكو شانيل الملابس المنسابة، ثم عاد إلى الموضة في الخمسينيات حين رغبت النساء في مظهر الخصر النحيل الذي روّجت له صيحة "Dior New Look"، فمثلاً نرى أن مصممة الأزياء العالمية، ميوتشيا برادا، قد أعادت إحياء "الكورسية" في مجموعتها الجديدة التي أطلقتها العام الماضي
ووصل كورسية الـ"بانك" إلى الشارع للمرة الأولى في سبعينات القرن الماضي، وتألق بمظهره المثير الأنثوي الصارخ، ويظهر ذلك جليًا في مجموعة "كورسيهات" المصممة فيفيان ويستوود، وحينما ارتدت نجمة الغناء مادونا كورسية من تصميم جان بول غوتييه في جولة غنائية عام 1990، وذلك حينما كانت تسلّط الضوء على قضية حقوق المرأة الجنسية.
وتفتقر بعض تصميمات "الكورسية" الجديدة إلى اللمسة الأنثوية التقليدية والكلاسيكية التي كانت موجودة وبارزة منذ القرن التاسع عشر حتى تسعينات القرن الماضي، فضلاً عن الجانب المثير بها والذي يعد أحد الأسس التي ترتكز عليها تلك اللمسة الأنثوية، وتعتبر عارضة الأزياء الأميركية، كيم كارداشيان، إحدى المشاهير التي تفضل ارتداء "الكورسية"، خاصة في الآونة الأخيرة، حيث صورتها العدسات وهي ترتدي واحدًا وعليه معطف منفوخ وسروال رياضي، وقد وصل "الكورسية" أيضًا إلى أبرز الماركات العالمية، بداية من "أسوس" و"مانغو" و"زارا" و"فيينري" و"توبشوب".
وباتت هذه القطعة من الموضة في الواجهة من جديد، لربيع 2017، حين رأينا هذا الستايل على مدارج عروض أزياء إيزابيل ماران وكلوي وتيبي. بدورها أطلقت سارة بورتون من أليكسندر ماكوين كورسيهات معززة للصدر في تشكيلتها للربيع، كما فعلت ريهانا في تشكيلتها Fenty x Puma ودولتشي أند غابانا، والمفارقة، أنّ "الكورسية" في الماضي صُنع ليرضي الجميع ما عدا من ترتديه، بينما الثورة التي حصلت في هذه القطعة وضعته في خانة الستايل والشياكة، حيث بات يُصنع بأقمشة مريحة أكثر ما جعله أكثر ديموقراطية وقد بات بالكامل تحت سيطرة من ترتديه ولم تعد المرأة تحتاج لمن يربطه لها.