نوع ذكاء الاطفال

لا تقولي بعد اليوم ما مستوى ذكاء طفلي، بل “أيّ نوع من الذكاء يمتلك؟”.

يعاني بعض الأطفال من صعوبة في التركيز، وغيرهم في الحفظ، بينما يستحيل على البعض الآخر العمل ضمن مجموعة.
 
ليست المشكلة في مستوى الذكاء وإنما في تعدّد أنواع الذكاءات التي لا زلنا لا نقدّرها في أبنائنا، ربّما بسبب عدم الإضاءة الفعلية عليها.
 
ما زال الأهل يحصرون حتّى الآن ذكاءات أبنائهم بالعلمي الحسابي والأدبي اللغوي، لا بل غالباً ما يشعرون بأنّ مَن يمتلك الذكاء الحسابي أشدّ ذكاءً.

يولد الأطفال متمتّعين بكفاءات ذهنية متعدّدة، مختلفة من حيث قوّتها وضعفها، وهنا يبرز دور التربية في تنمية الضعيفة منها والحفاظ على القوية، وذلك يبدأ من المراقبة وصولاً إلى التحفيز والتوجيه.

من الناس مَن يحصلون على درجة متوسطة في اختبار الذكاء، في حين هم يتمتّعون بالعديد من القدرات العقلية الخارقة. فقد أصبح للذكاء طبيعة، لذلك تحوّل إلى ذكاءات متعدّدة، عددها 8 على الأقل، مستقلة عن بعضها البعض، وهذا يفسّر وجود أشخاص يبرعون في مجال معيَّن وفي الوقت نفسه ضعفاء في مجالات أخرى، بحسب مهاراتهم، قدراتهم، اهتماماتهم وطريقة التعلّم.

أنواع الذكاءات ومعانيها:

• الذكاء اللغوي:

قدرة على تعلّم لغات متعدّدة مع الإعتماد على الحفظ حتّى في المسائل الرياضية.
 
هو ذكاء لفظي، يظهر في حبّ المطالعة، الكتابة والتحدّث. يبرع ذوو الذكاء اللغوي في الكتابة، التدريس، الترجمة والصحافة.

• الذكاء الرياضي (الرياضيات) والمنطقي:

ميل إلى التخطيط، الأرقام، التصميم ودرس العلاقة بين الأشياء، وكره للقراءة والتحدّث. يحبّ مَن يتمتع بهذا النوع من الذكاء القيام بالتجارب، الحسابات العقلية والرسوم البيانية، كما لديهم قدرة على إيجاد حلول للمشاكل والعراقيل. أكثر مجالات العمل المناسبة هي الهندسة، المحاسبة والقانون.

• الذكاء الحسّي والحركي:

التعبير من خلال حركات الجسد كالرياضة والرقص والميل إلى الأشغال اليدوية. مَن يتمتّعون بالذكاء الحسّي والحركي لا يتحمّلون الجلوس والجمود لوقت طويل.
 
المهن الأكثر إتقاناً هي الرقص، الرياضة، النجارة، الميكانيك، اليوغا، الحياكة وغيرها.

• الذكاء التفاعلي الإجتماعي:

ينجح مَن يتمتّعون به في العمل ضمن مجموعات. هم أشخاص قياديون، بارزون، كثيرو الأصدقاء. يرفضون الوحدة ويراعون مشاعر الآخرين، كما يساهمون في حلّ مشاكلهم والإستماع لهم.
 
يتميّزون بفهم التصرّفات الإنسانية والتعاطف مع الآخر. أما مجال العمل الأنجح لهم فهو التعليم، العلاج النفسي، السياسة، التمريض والتجارة.

• الذكاء الذاتي- الشخصي:

مَن يمتلك هذا النوع من الذكاء يحبّ الإستقلالية، يتمتع بالإرادة والثقة بالنفس، يعرف نقاط الضعف والقوّة في نفسه. هو مستمع جيد، يحترم الوقت ويحاول استثماره قدر المستطاع.
 
ينجح في الكتابة، البحث، الإستثمار، الفلسفة والعلاج النفسي.

• الذكاء الموسيقي:

مَن يتمتّعون بهذه الفئة من الذكاء يحوّلون العالم من حولهم إلى ألحان وأناشيد.
 
يُتقنون العزف على آلة موسيقية على الأقل، يحفظون كلمات الأغاني ويتمتّعون غالباً بصوت جميل. ينجحون في الغناء، تعليم الموسيقى، العلاج بالموسيقى.

• الذكاء البصري (المكاني) الصوري:

يفضّل هؤلاء التعامل مع الأمور على شكل صور وأفلام، فيحوّلون كل أمر إلى تخيّلات.
 
يحبّون الرسم ومشاهدة الصور والألوان، يُحسنون استخدام الإتجاهات الأربعة.
 
أنجح المهن: الرسم، التصوير، الهندسة المعمارية، الطيران والطوبوغرافيا.

• الذكاء الحيوي (البيئي):

يتميّزون بالتمتّع والعمل في نفس الوقت، يحبّون الطبيعة ويعتنون بالنباتات والحيوانات، كما تجذبهم الأبحاث والصور التي تتعلق بذلك.
 
يسعى هؤلاء الأشخاص لحماية البيئة.
 
ينجحون في الجيولوجيا، علم الآثار، الزراعة، الطبخ، الطب البيطري، الأنتروبولوجيا والجغرافيا.

نوع الذكاء يحدّد الدراسة والمهنة
إنّ الإطلاع على أنواع الذكاءات والتنبّه لتنميتها لدى أبنائنا يساهم بحلّ جذري للمشكلات والمعاناة الدراسية للأطفال والمدرّسين والأهل.
 
يؤدي اختلاف نوع الذكاء بين شخص وآخر إلى اختلاف في الشخصية والميول وفي طريق النجاح التي يسلكها لمدى الحياة.
 
بالتالي على الأهل وإدارات المدارس مساعدة الأطفال على معرفة نوع ذكائهم، وذلك لمساعدتهم في خياراتهم الدراسية والمهنية الناجحة في المستقبل.

يساهم ذلك في إشباع حاجات الفرد الأساسية وهي:

أولاً، التمتّع أثناء التعلّم ولاحقاً أثناء ممارسة العمل.

ثانياً، الإنتماء لفريق الزملاء والرفاق، المدرسة أو مكان العمل.

ثالثاً، الشعور بالأمان وتقدير الذات، من خلال اكتشاف نقاط القوة في النفس والإعتراف بها وتقديرها.

رابعاً، الإنجاز وتحقيق الذات من خلال الشعور بالقدرة على التعلّم والنجاح، فنظرة الطفل لنفسه في مرحلة الدراسة تؤثّر وبشكل كبير على مستقبله القريب والبعيد.

إذاً، لا تنعتوا أطفالكم بالغباء وقلّة الذكاء، فلكل طفل طريقة مختلفة في التعلّم بحسب نوع الذكاء الذي يتمتّع به.
 
ما لا يمكن التغاضي عنه هو تلك العلاقة الوثيقة بين الذكاء والقدرات والمهارات والهوايات لكلّ فرد.