الإماراتية حلاوة اليماحي "أم سعيد"

تفتح الإماراتية حلاوة اليماحي "أم سعيد"، أبواب بيتها المتواضع، في منطقة الطويين في الفجيرة، أمام من يؤمن بقدراتها الشعبية في العلاج. فهي لا تمتلك عصا سحرية، ولكن كل ما تملكه هو سبابتها اليمنى وإحساسها العميق الذي يدلها على مواضع الألم، حتى ذاع صيتها وتجاوز حدود الإمارة إلى أن وصل الدول المجاورة.

أم سعيد التي دخلت العقد السادس من عمرها، رغم أن صحتها في تراجع، لكن لم يمنعها ذلك من مزاولة مهنتها بكل ما أوتيت من قوة، مؤمنة في الوقت ذاته أن الشافي هو الله، وحبها لممارسة الطب الشعبي، وحاجة الناس لها جعلاها محط إعجاب وتقدير كل من حولها، أولهم زوجها أبوسعيد وعائلتها الذين يعتبرونها فخرًا لهم لخبرتها وعزيمتها على العطاء المثمر للناس والوطن.

وبات موطنها "الطويين" معلمًا لمن يبحث عن الطب الشعبي بفضل المعالِجة "أم سعيد"، التي لا تتقاضى عن خدماتها سوى الأجر من الله. فتتحدث عن أن المقبلين عليها من كل مناطق الدولة لا سيما الفجيرة والعين وأبوظبي، وهناك من يقبلون عليها من دول مجاورة كسلطنة عمان والسعودية وقطر والكويت.

ولاقت تجارب علاجها الشعبي معهم النجاح ولا يزالون على تواصل دائم معها، وبالأخص من نجحن بالحمل والإنجاب بعد أعوام من العلاج.

واكتسبت أم سعيد هذه المهارة والموهبة في الطب الشعبي، من عائلتها، مؤكدة أنها جمعت خبرة السنوات التي كانوا يمارسونها في تطبيب بعضهم في زمن شح المراكز الطبية.

وأشارت إلى أن بداية تجربتها بدأت منذ أن كانت مراهقة، عندما نجحت في علاج والدة زوجها باستخدام "الكي".

واستمرت إلى أن بدأت في علاج النساء قبل أن تتزوج ولم تكن تجاوزت 14 عامًا من عمرها، بل كانت تتعلم من أمها وزوجة أبيها التي كانت ترافقها في كل مكان تذهب إليه لمعالجة النساء، وتسمع منها ملاحظاتها والحوارات التي تدور بينها وبين المريضات.

وبيّنت أم سعيد أن معظم النساء اللواتي قدِمن لمعالجتهن كن يعانين تأخر الحمل والأعصاب، والأمراض الحالية التي بدأت تنتشر كالتكيُّسات في الرحم.

وأثمر مسحها بالزيوت لهن واستخدام الحجامة الحافة عن تجارب ناجحة بالإنجاب ولله الحمد، فضلًا عن أن لها خبرة واسعة في رفع لوز الأطفال الملتهبة أو ما يسمى شعبيًا "بالترفيع".

وتعتبر حلاوة مرجعًا طبيًا لعلاج الكسور، وتقول عن ذلك إن علاج الكسور بحاجة إلى خبرة، ويدخل في ذلك أعشاب معينة لا يمكن الاستغناء عنها أهمها المر، والعنزروت، وورق السدر، وشجر الظفر، ويتم خلط ودق هذه الأعشاب ونثر شعر الغنم عليها، وتوضع بعد ذلك على الكسر، مثبتة إما بجريد النخيل وإما بخشب آخر، حسب نوع وحجم الكسر ثم يتم لفها بقماش، وبعد ثلاثة أيام يتم فحص الكسر والتأكد من جبره.

وأكدت المعالجة أم سعيد أن من يحيطون بها أطلقوا عليها لقب "الداية"، كونها لا تعالج سوى فئة النساء والأطفال. وأضافت "لا أجيد القراءة والكتابة إلا أنني مكتفية بمن حولي من أبنائي وأقاربي للتواصل مع المرضى عن طريق رسائل "واتساب" لتحديد المواعيد لهم، رغم أن الكثير من الحالات تقبل من دون مواعيد، وأشارت إلى أنها تعالج يوميًا عددًا يتراوح ما بين 12 إلى 17 شخصًا، وهو ما سبب لها إرهاقًا عامًا في جسدها أخيرًا، فضلًا عن أنها لا تتردد في المشاركة في الفعاليات الوطنية والقرى التراثية، التي تقام في مختلف مناطق الدولة لنشر ثقافة وعلوم الطب الشعبي الموروث للأجيال الحالية. ونالت من ذلك العديد من شهادات التقدير تكريمًا لدورها الريادي الفعَّال في حفظ الموروث الشعبي.