مرحلة الطفولة

تعتبر الذكريات قبل سن الخامسة، قليلة ومتباعدة بالنسبة إلى معظم الناس، وهذا يرجع إلى "فقدان الذاكرة في مرحلة الطفولة"، والذي يشير إلى عدم قدرة الناس على تذكر أي شيء قبل سن ما يقرب من ثلاث سنوات ونصف، وخلال فترة الطفولة، تكون العقول أكثر مرونة، مما يعني أنها قادرة على استيعاب الكثير من المعلومات في مساحة صغيرة من الوقت، وأكّد العلماء أن أجزاءً من الأدمغة التي تحتفظ بهذه المعلومات لا تزال قيد الإنشاء، ومنذ الولادة وحتى سن المراهقة المبكرة، لا يزال يجري وضع الدوائر الأساسية في الدماغ، حيث تصبح الممرات الكهربائية مبطنة بأنسجة دهنية لتصبح أكثر موصلة، وهذا يعني أننا قادرون على الاحتفاظ بهذه الذكريات، وفي هذه العملية، من المرجح أن يتعذر الوصول إلى الذكريات من دماغ الأطفال "الضعيف"، حيث تتم إعادة هيكلة العصبونات لدينا في تكوين أدمغتنا ونحن كبار.

وقالت باتريشيا باور من جامعة إيموري، وهي خبيرة رائدة في تطور الذاكرة، إنّ "هذه ظاهرة التركيز لفترة طويلة"، حيث كان يعتقد سابقاً أن الأطفال لم يتمكنوا من الاحتفاظ بالذكريات قبل سن السابعة، ومع ذلك، في عام 2005 وجد الباحثون أن الأطفال في سن الخامسة والنصف تذكروا 80 في المائة من الأشياء التي حدثت عندما كانوا في الثالثة، وفي الوقت الذي وصلوا فيه إلى سن 7 سنوات ونصف، تذكروا أقل من 40 في المائة، هذا يبين أن الأطفال يمكنهم تذكر الأشياء، لكن هذه الذكريات تبدأ في التلاشي، في السنوات القليلة الماضية ، كان العلماء يتعرفون على الأساس البيولوجي لفقدان الذاكرة، فطوال فترة الطفولة، يقوم الدماغ بتثبيت الدوائر الكهربائية وبطانة المسارات الرئيسية بالنسيج الدهني، وخلال هذه الفترة من النمو، يتم إنشاء جسور جديدة بين الخلايا العصبية، ووفقاً لتجارب قام بها بول فرانكلاند، عالم الأعصاب في مستشفى الأطفال في تورنتو، فإن نمو الخلايا العصبية الجديدة في منطقة الحصين أمر ضروري للتذكر والنسيان، ولا تتفكك هذه الأجزاء من الدماغ فحسب، بل تصبح أيضًا مخفية مع تقدمنا في العمر.

وقام الدكتور فرانكلاند وزوجته جوسلين بإجراء أبحاث على فئران بالغة ورضيعة تم الاحتفاظ بها في أقفاص - وكان أحد القفص بحجم صندوق الأحذية والآخر أكبر بكثير، أعطيت الفئران صدمات كهربائية معتدلة عندما وضعت في القفص الأكبر، فتقشعرت الفئران الأكبر سنا بالخوف عندما تم وضعها فيه، تحسبًا للصدمة، في حين أن الفئران الصغيرة نسيتها في غضون يوم واحد، ومع ذلك ، عندما ركضت الفئران الكبار على عجلات الهامستر بعد الصدمة نسوا الألم، وهذا لأنه حفز نمو وتطور النسيج العصبي - وهي عملية تسمى تكوين الخلايا العصبية، وعندما أعطى الباحثون الفئران الأدوية المحددة التي أعاقت تكوين الخلايا العصبية تمكنت الحيوانات الصغيرة من تذكر الأشياء بشكل أفضل، ومن خلال إدخال بروتين فلوري في الحمض النووي لدماغ الفئران، وجدوا أن تكوين الخلايا العصبية لا يمحو الذكريات، لكنه أعاد هيكلتها كثيرا لدرجة أنه كان من الصعب تذكر الذكريات الأصلية، ويعتقد الخبراء أن نفس الشيء يحدث في البشر.